فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}.
وقوله: {جُدَدٌ بِيضٌ}.
الخُطَط والطُرُق تكون في الجبال كالعُروق، بَيض وسُود وحمر، واحدها جُدّة.
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}.
وقوله: {كَذَلِكَ}.
من صلة الثمرات. واختلاف ألوانها أي من الناس وغيرِهم كالأوّل. ثم اسْتأنف فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}.
وقوله: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}.
جواب لقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} {أولئكَ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} ف {يَرْجُونَ} جَوَاب لأوَّل الكلام.
{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}.
وقوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ}.
هذا الكافر {وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ} فهؤلاء أصْحَاب اليمين {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} وهذه موافقٌ تفسيرها تفسيرَ التي في الواقعة. فأصْحَاب المَيْمنة هم المقتصِدونَ. ويقال: هم الوِلْدان. وأصحَاب المَشْأمة الكفّار. والمَشْأَمَة النار. والسَّابقون السَّابقون هؤلاء أهل الدرجات العُلَى أولئك المقرَّبونَ في جناتِ عَدْنٍ.
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}.
وقوله: {جَنَّاتُ عَدْنٍ}.
ومعْنى عَدْنٍ إقامة به. عَدَن بالموضع.
{وَقَالُواْ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}.
وقوله: {أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}.
الحَزَن للمعاش وهموم الدنيا. ويقال: الحزن حَزَن الموت. ويقال الحزن بالْجنة والنار لا ندرى إلى أيّهما نصير.
{الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}.
وقوله: {دَارَ الْمُقَامَةِ}.
هى الإقامة. والمَقَامة: المجلس الذي يُقام فيه. فالمجلس مفتوح لا غير؛ كما قال الشاعر:
يومَان يومُ مقاماتٍ وَأنديَة ** ويومُ سير إلى الأعداءِ تأْويبِ

وقرأ السُّلِمىّ {لَغُوب} كأنه جعله ما يُلْغِب، مثل لَغُوب والكلام لُغُوب بضم اللام، واللُغوب: والإعياء.
{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}.
وقوله: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}.
يعنى محمدًا صلى الله عليه وسلم. وذْكر الشيبُ.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلاَّ غُرُورًا}.
وقوله: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأَرْضِ}.
أى إنهم لم يَخْلقُوا في الأرض شيئًا. ثم قال: {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} أي في خَلْقها، أي أعانوه على خلقها.
{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
وقوله: {وَلَئِن زَالَتَآ}.
بمنزلة قوله: {ولو زالتا} {إِنْ أَمْسَكَهُمَا} إنْ بمعنَى ما وهو بمنزلة قوله: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِه}.
وقوله: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّّذِينَ أُوتُوا الكتابَ بكُلّ آيةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} المعنى معنى لو وهما متآخِيتان يجابان بجواب وَاحِدٍ.
{اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.
وقوله: {اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ}.
أى فعَلو ذلك استكبارًا {وَمَكْرَ السَّيِّىءِ} أُضيف المكر إلى السَّىء وهو هو كما قال: {إنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ اليَقينِ} وتصديق ذلك في قراء عبدالله {ومَكْرًا سَيِّئا} وقوله: {وَمَكْرَ السَّيِّىءِ} الهمز في {السَّيىء} مخفوضة ب وقد جزمها الأعمش وحمزة لكثرة الحركات، كما قال: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ} وكما قال الشاعر:
إذا اعْوَجَجْنَ قُلْتُ صَاحِبْ قَوِّمِ

يريد صَاحِب قَوِّم فجزم الباء لكثرة الحركات. قال الفراء: حدثنى الرؤاسى عن أبى عمرو ابن العلاء {لاَ يَحْزُنْهُمْ} جَزْم. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة الملائكة:
{مثنى وثلاث ورباع} قد ذكرنا أنها لتكرر تلك الأعداد، ولم ينصرف للعدل والصفة. وقال بعض الطاعنين: إن صاحب الأجنحة الثلاثة لا يطير، لزوال الاعتدال، ويكون كالجادف الذي أحد جناحيه مقصوص. فأجاب عنه الجاحظ: إنه قريب معقول في الطيران، إذا وضع على غير هذا الوضع، يصير ثلاثة أجنحة وفق تلك الطبيعة. ولو كان الوطواط في تركيبه كسائر الطير، لما طار بلا ريش.
وكل إنسان فإنما ركبته في رجله، وذوات الأربع ركبها في أيديها، والإنسان وكل سبع فكفه في يده، والطائر كفه في رجله. ويجوز أن يكون موضع الجناح الثالث بين الجناحين، فيكون عونًا لهما فتستوي في القوى والحصص. وإذ كان ذلك ممكنًا في معرفة العبد، فكيف في قدرة الرب، وأيضًا فإن هذا البناء لتعدد العدد المسمى به، ولذلك عدل عن البناء الأول، فثلاث إذا عبارة عن ثلاث ثلاث، فتكون ثلاثة أجنحة من جانب، وثلاثة من جانب، فيعتدل.
{أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسنا} جوابه محذوف، يجوز أن يكون مثل: تريد أن تهديه.
ويجوز: فإنه يتحسر عليه. ويجوز: كمن آمن وعمل صالحًا. ويجوز: كمن علم الحسن والقبيح. ويجوز: فإن الله يضله، إلا أنه وقع {من يشاء} موقع الجميع. وإنما كان أكثر استفهامات القرآن بلا جواب، لمعنيين، أحدهما: ليكثر احتمال الجواز، والثاني: لأنها من عالم لا يستعلم مستفيدًا.
{من كان يريد العزة فلله العزة جميعا} قال قتادة: أي: فليتعزز بطاعة الله. وقال علي: من سره الغنى بلا مال، والعز بلا سلطان، والكثرة بلا عشيرة، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته.
وأنشد:
من رام ملكًا في الورى من ** غير سلطان ومال

وأراد عزًا لم يؤثـ ** ـله العشائر والموالي

فليعتصم بدخوله ** في عز طاعة ذي الجلال

{إليه يصعد الكلم الطيب} التوحيد. وقيل: الثناء الحسن على الصالحين.
{والعمل الصالح يرفعه} أي: يرتفع الكلام الطيب بالعمل الصالح.
{وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} قال البلخي: أي: من عمر آخر غير الأول، كما تقول: عندي درهم ونصفه، أي: نصف آخر، بل لا يمتنع أن يزيد الله في العمر أو ينقص، كما روي: أن صلة الرحم تزيد في العمر على أن تكون الأحوال قبل التغيير وبعده مستقرة في سابق علمه.
{ومن الجبال جدد} طرائق. والجدة: الطريقة.
{وغرابيب} من شرط التأكيد أن يتقدم الأظهر، كقولك: أسود حالك، وأصفر فاقع، فكذلك ينبغي أن يجيء سود غرابيب، ولكن تقديم الغرابيب، لأن العرب ترغب عن اسم السواد، حتى يسمون الأسود من الخيل: الأدهم، والأسود من الإبل: الأصفر. قال أبو عبيدة-في بيت الأعشى-: 983- تلك خيلي منهم وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب. فبدأ الله بما هو أحب عندهم، وأخر ما هو أكره في أسماعهم.
{فمنهم ظالم لنفسه} يحتمل أصحاب الصغائر والكبائر، فيكون قوله: {الذين اصطفينا من عبادنا} دليلًا على أن جملة هذه الأمة مصطفاة متخيرة على غيرها، وإن كان فيها الفسقة المرقة. والمقتصد: المتوسط في الطاعة. والسابق: أهل الدرجة القصوى منها.
{أذهب عنا الحزن} هموم الدنيا ومعايشها.
{وجاءكم النذير} النبي عليه السلام. وقيل: الشيب، وفي معناه قيل:
وقائلة تبيض والغواني ** نوافر عن معاينة القتير

ألا إن المشيب نذير ربي ** ولست مسودًا وجه النذير

{إلا سنت الأولين} ما لقوة من صنوف العذاب أو الموت.
{على ظهرها من دابة} لأنها خلقت للناس. تمت سورة فاطر. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة فاطر:
{الْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
قال: {أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} فلم يصرفه لأنه توهم به الثَلاثَةَ والأرْبَعَةَ. وهذا لا يستعمل الا في حال العدد. وقال في مكان آخر {أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} وتقول ادْخُلوا أُحادَ أُحادَ كما تقول ثُلاثَ ثُلاثَ وقال الشاعر: من الوافر وهو الشاهد الثاني والستون بعد المئة:
أحمَّ اللهُ ذَلِكَ من لِقاءِ ** أُحادَ أُحَادَ في شَهْرٍ حلال

{مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. وقال: {مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا} فأنث لذكر الرحمة {وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} فذكر لأن لفظ {ما} يذكّر.
{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.
وقال{وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} لأنه خبر.
وقال: {وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا} فكأنه قال وإِنْ تَدْعُ إِنْسانًا لا يحمل من ثِقَلِها شَيْئًا ولو كان الانسان ذا قربى.
{وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ}.
وقال: {وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ} فيشبه أن تكون {لا} زائدة لأنك لو قلت: لا يَسْتَوِى عَمْرٌو ولا زَيْدٌ في هذا المعنى لم يكن الا أن تكون {لا} زائدة.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}.
وقال: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ} والجُدَدُ واحدتها جُدَّةٌ والجُدَدِ هي الوان الطرائق التي فيها مثل الغُدَّة وجماعتها الغُدَدُ ولو كانت جماعة الجَديدِ لكانت الجُدُد. وانما قرئت {مُخْتَلِفًا أَلْوَانُها} لأن كل صفة مقدمة فهي تجري على الذي قبلها اذا كانت من سببه فالثمرات في موضع نصب.
وقال: {وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} فرفع المُخْتَلِفُ لأن الذي قبلها مرفوع.
{وَالَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ}.
وقال: {هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا} لأن الحق معرفة.
{وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}.
وقال: {وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا} وقد قال: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} يقول: لاَ يُخَفَّفُ عنهم من العذابِ الذي هو هكذا.
{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا} فثنى وقد قال: {السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} فهذه جماعة وأرى- والله أعلم- انه جعل السماوات صنفا كالواحد.
{وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا}.
وقال: {لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ} فجعلها إِحْدَى لأنها أمة.
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا}.
وقال: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ} فاضمر الأرض من غير أن يكون ذكرها لأن هذا الكلام قد كثر حتى عرف معناه تقول: أُخْبِرُكَ ما على ظَهْرِهَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ منِْكَ وما بِهَا أحَدٌ آثَرُ عِنْدِي مِنْكَ. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة فاطر مكية كلها.
2- {ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} أي من غيث.
3- {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أي احفظوها. تقول: اذكر أيادي عندك، أي احفظها. وكل ما كان في القرآن- من هذا- فهو مثله.
8- {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} أي شبه عليه.
9- {النُّشُورُ}: الحياة.
10- {وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ} أي يبطل.
12- {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ} أي جواري. ومخرها: خرقها للماء.
13- {ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} القطمير: الفوفة التي تكون في النواة.
وفي التفسير: أنه الذي بين قمع الرطبة وبين النواة. وهو من الاستعارة في قلة الشيء وتحقيره.
18- {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} يقول: إن دعت نفس ذات ذنوب، قد أثقلتها ذنوبها، ليحمل عنها شيء منها، لم تجد ذلك، وَلَوْ كانَ من تدعوه ذا قُرْبى.
19- {وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ}: مثل للكافر والمؤمن.
20- {وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ} مثل للكفر والإيمان.
21- {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ}: مثل للجنة والنار.
22- {وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ}: مثل للعقلاء والجهال.
24- {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ} أي سلف فيها نبي.
27 و28- {وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ} والجدد الخطوط والطرائق تكون في الجبال، فبعضها بيض، وبعضها حمر وبعضها غرابيب سود.
و{غرابيب} جمع غربيب، وهو: الشديد السواد. يقال: أسود غربيب وتمام الكلام عند قوله: {كَذلِكَ} يقول: من الجبال مختلف ألوانها، {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ} أي كأختلاف الثمرات. ثم يبتديء: {إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ}.
31- {مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} أي لما قبله.
35- {دارَ الْمُقامَةِ}: ودار المقام واحد، وهما بمعنى الإقامة.
اللغوب: الإعياء.
37- {وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ} يعني محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم.
ويقال: الشيب. ومن ذهب هذا المذهب، فإنه أراد: أو لم نعمركم حتى شبتم.
43- {فَهَلْ يَنْظُرُونَ} أي ينتظرون، {إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ} أي سنتنا في في أمثالهم من الأولين الذين كفروا كفرهم. اهـ.